القلب ينبض بحبك يأسدنا المفدى و سيدَّ الوطنِّ و سيد الرجال و عزَّ العّرُّبّ وَفَخَّرَّ الامَّةِ

Saturday 30 April 2011

الإدارة الأميركية للرئيس بشار الاسد : اِكسِرْ ظهر محور المقاومة وخذ ما تريد؟


الحلقة ا
ما هو مستقبل الازمة الراهنة في سوريا؟
لا احد يعرف الا الله سبحانه وتعالى. لكن ما اصبح معروفا هو التالي: نجح الرئيس بشار الاسد في كشف الصورة بوضوح ولم يعد هناك التباس في الشكل والمضمون؛ تمكن خلال فترة قصيرة من فرز المعترضين الى قسمين:
فريق ايجابي يريد اجراء تغييرات تقود نحو حياة سياسية جديدة بإدارة الرئيس الاسد نفسه، لما له من رصيد شعبي ليس في سوريا فحسب، بل في العالم العربي، واستطلاعات الرأي الشهيرة التي اجرتها اكثر من مؤسسة ابحاث اميركية واوروبية اعطته على الدوام مرتبة متقدمة لدى الرأي العام العربي، ونتائج هذه الاستطلاعات نُشرت في الصحف ولا غبار عليها؛
اما الفريق الثاني فيريد اسقاط النظام، ليس لأنه غير ديمقراطي بل لأسباب باتت معروفة، فضلا عن انه لا يمكن لهؤلاء التلطي وراء الديمقراطية لأن الانظمة الاقليمية التي تموّل محاولات الاسقاط هذه ليس فيها من الديمقراطية حتى الاسم، والاشخاص المطروحين كبدائل، مثل عبد الحليم خدام لديهم سجل من الفساد والقمع لم يسبقهم اليه أحد.
بالنسبة الى الفريق الاول لا احد يساجل بالاستجابة السريعة التي قام بها الرئيس الاسد عبر سلة كبيرة من الاصلاحات دفعة واحدة من شأنها اذا أعطي الوقت اللازم لتنفيذها أن تجعل سوريا ـ ربما ـ واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط، وليس "اسرائيل" كما تسوّق الاخيرة نفسها. الامر رهن بالاختبار الميداني.
لكن لماذا أتينا على ذكر "اسرائيل"؟ لأن أبرز وافضل تعليق على ما أقره الرئيس الاسد من اصلاحات ووضع مراسيم تطبيقها فوراً، جاء من هناك، وبخصوص القرار الشهير للرئيس السوري بإلغاء قانون الطوارئ.
المحلل السياسي الاسرائيلي الشهير لصحيفة «هآرتس»، ألوف بن سارع الى انتقاد الحكومة الاسرائيلية بسبب استمرار اعتمادها مثل هذا القانون وكتب مقالاً تحت عنوان
«سوريا سبقت إسرائيل إلى إلغاء قوانين الطوارئ»، معتبرا ان الخطوة السورية "تمثل فرصة جيدة لإعادة التفكير في قوانين الطوارئ الاسرائيلية السارية المفعول منذ عام 1948، والتي تمكّن الحكومة الاسرائيلية من تجاوز خطوات التشريع العادية، ويمنحها (قانون الطوارئ) صلاحيات واسعة تلحق الضرر بحقوق "المواطن" مثل الحبس الإداري، والحجز على الممتلكات، واعتقال متسللين وتقييد حقوق "مشتبه بهم بالارهاب".
هذا ما كتبه الوف بن، اما في جلسة مجلس الامن الدولي التي كانت مخصصة لمناقشة عملية السلام في الشرق الاوسط فقد حاول المندوبان الاميركي والبريطاني صرف الانتباه عن الموضوع الرئيس، وقفزا مباشرة الى الأحداث في سوريا، فتصدى لهما المندوب السوري في المجلس بشار الجعفري الذي خاطب الحاضرين بالقول:
" كنا نتمنى أن نسمع من المندوبَيْن الأميركي والبريطاني كلمة واحدة يعبّران فيها عن مجرد التعاطف مع معاناة مواطنينا السوريين الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي في الجولان المحتل منذ عام 1967. أو كلمة واحدة تطالب " إسرائيل" بإلغاء قانون الطوارئ المطبّق منذ عام 1948 حتى الآن، بهدف مصادرة الأرض الفلسطينية ونهب البيوت وطرد أصحابها واستجلاب عصابات الاستيطان للسكن فيها"، خاتماً بالإشارة إلى أن "إسرائيل" "ورثت قانون الطوارئ هذا عن سلطة الاحتلال البريطانية التي كانت قد فرضته على عموم فلسطين في عام 1939".
باختصار من يطالب من السوريين باجراء اصلاحات جذرية تمت الاستجابة الفورية له، ومن المنطقي ان يعطي القيادة السورية فرصة جدية لاختبار نياتها الحقيقية.
اما الفريق الثاني فقد كشف القناع عن نفسه سريعاً، حتى من قبل الفريق الخارجي الذي يديره.
فقد بينت الوقائع ان هناك عملية منسقة ومنظمة تديرها مجموعة اميركية ـ اوروبية ـ عربية، تتوزّع مقارّ ادارتها على اكثر من عاصمة، وتضم اكثر من خلية عمل تصل الليل بالنهار لقنص الفرصة التاريخية التي قد لا تتكرر، وهي امكانية الاختباء وراء ما يجري من ثورات شعبية في المنطقة، والزعم ان هناك ثورة مماثلة تجري في سوريا باسم الشعب لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد ، او بالحد الادنى لقلب سياسته الخارجية، وليس الداخلية، رأسا على عقب.
طبعاً هناك من يطمح الى اسقاط ما يسميه النظام العلوي الحاكم في سوريا واستبدال نظام سني به، لأنه من وجهة نظرهم أن الاغلبية السنية يجب ان تتولى الحكم كيفما كان؛ وبين هذا الفريق ايضاً هناك من يخشى عواقب سقوط نظام الرئيس بشار الاسد ، وليس لديه تقدير وضع بما يمكن ان تذهب اليه الامور من فوضى يمكن ان تعم الشرق الاوسط، وليس سوريا فحسب، فضلا عن عدم ثقتهم بأي جماعة سياسية يمكن ان تكون البديل، هذا اذا كان هناك من جهة منظمة مؤهلة لإدارة المرحلة المقبلة.
وبسبب هذه الضبابية لم تجد واشنطن حرجاً من الافصاح عن خطتها القديمة ـ الجديدة في تغيير سلوك النظام السوري بعد فشل محاولات تغييره التي جرت سابقاً.
وللذين ينتابهم شك في ان ما يجري في سوريا هو حصيلة ادارة خارجية، وليس حراكاً شعبياً محقاً تم اجهاضه من قبل الفريق الثاني الذي يريد رأس الرئيس بشار الاسد ، يكفي القراءة العادية لتصريح وكيلة وزارة الدفاع الأميركية للشؤون السياسية ميشيل فلورنوي، التي عرضت قبل ايام قليلة مساومة علنية لعقد صفقة مع الرئيس السوري تتضمن فك تحالفه مع إيران والانضمام إلى دول الخليج العربية مقابل كف الشر عنه.
ففي مقابلة مع برنامج شارلي روز الذي بثته شبكة التلفزيون الأميركية العامة يوم الخميس الماضي (21/4/2011) قالت فلورنوي:
"نحن منخرطون مرة أخرى مع عدد من الأطراف المعنية، ومرة أخرى، نعتقد أن المضي قدماً يمر بالإصلاح السياسي والاقتصادي. وبصراحة، أعتقد أن سوريا تواجه خياراً أكثر جذرية، وهو يتعلق بنوع من الحلف غير الطبيعي مع إيران خلال السنوات الأخيرة، ونعتقد أنه ليس في مصلحتها. فسوريا أكثر ارتباطاً واقعياً وتاريخياً بالعالم العربي، وهي أكثر علمانية وأقل راديكالية. ونحن نعتقد أن الفرصة متاحة لسوريا لفك تحالفها مع إيران والانضمام إلى دول الخليج، وفي الواقع ربما الانفتاح على مسار السلام أيضاً".
هذا هو جوهر العملية الجارية حاليا، وهذا هو المطلب الذي حمله وزير الخارجية الاميركي كولن باول عام 2003 الى دمشق بعيد سقوط بغداد، وحملته مرارا كونداليزا رايس وحمله اكثر من مبعوث الى دمشق ـ اميركي وغير اميركي ـ، ولا تزال تحمله الوزيرة الحالية هيلاري كلينتون، وهو ما ذُكر ان وزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد حمله الى دمشق قبل ايام، وما قيل ان اكثر من موفد سعودي حمله الى القيادة السورية ايضا منذ اندلاع الازمة في شهر آذار الماضي:
المطلوب امر واحد فقط هو قطع العلاقات مع ايران وانهاء محور المقاومة الممتد من طهران الى العراق فسوريا ثم لبنان وفلسطين، وحينها للرئيس الاسد كل سوريا، بإصلاح وبلا اصلاح.
هذا المطلب الوحيد ليس عليه غبار وهو هنا بلسان مسؤولة اميركية رفيعة (ميشيل فلورنوي) وليس تخمينا او تحليلا او ظنا او تلفيقاً.
واذا لم يستجب الرئيس الاسد  فان كل ادوات المعركة ستنزل على الارض. وعليه يمكن القول ان ما يجري في سوريا حرب تشبه بما تريد تحقيقه حرب تموز 2006 على المقاومة في لبنان.
اليس لافتاً هذا الاستخدام السريع للسلاح في المواجهات في بعض المناطق السورية، في حين ان رصاصة لم يطلقها المتظاهرون في تونس ومصر والبحرين؟
وبالقدر الذي لم يكن في تلك الثورات الثلاث اي يد خارجية حركت المتظاهرين السلميين، فانه بمعزل عن المجموعات الشعبية التي تحركت سلمياً في سوريا، كان لافتا تحرك المجموعات الأمنية التي عاثت فسادا وقتلا بين الناس والعسكريين وبطريقة منظمة. ويمكن هنا التوقف ملياً عند ما رآه الباحث والكاتب الروسي المعروف نيكولاي ستانيكوف من ظهور قناصة مجهولين على السطوح يطلقون الرصاص على المتظاهرين في سوريا كما فعلوا سابقا في تونس ومصر وليبيا (يكشف ستانيكوف انه في تونس تم إلقاء القبض على قناصة يحملون جوازات سفر سويدية ادعوا أنهم جاؤوا لصيد الخنازير البرية، ويسخر بالقول: سياح يصطادون الخنازير في بلد مضطرب)!! ويؤكد الخبير الروسي أن هؤلاء القناصة "يمارسون اليوم نفس المهمة في سورية، ثم تنقل شاشات الجزيرة وبي بي سي صوراً تظهر دموية النظام".
ما تقدّم وما سيأتي لا يدع مجالا للشك في ان الحرب الحالية على سوريا تخضع لادارة خارجية.
لنلاحظ مثلا ان الوثيقة التي نشرها موقع ويكيليكس مؤخراً تبين كيف ولد اقتراح "تغيير سلوك نظام الرئيس بشار"، حيث قدمت القائمة بالاعمال في السفارة الاميركية في دمشق مورا كونيلي في برقية مؤرخة بتاريخ 28 نيسان 2009 وتحمل الرقم "30609" اقتراحاً بأن يصبح الخطاب الأميركي موجهاً أكثر نحو "إصلاح السلوك" السوري، عوضاً عن "تغيير النظام"، ما سيكون أكثر فاعلية. كاشفة أنّ محاولات الولايات المتحدة عزل الحكومة السورية أثّرت على عمل السفارة في الانخراط مباشرة في برامج المجتمع المدني.
هل من العبث ان تنقل صاحبة اقتراح" تغيير السلوك" الى بيروت لتعمل فيها سفيرةً اميركية تتولى على الارجح متابعة عملية التغيير هذه من مدينة حوّلها البعض من اللبنانيين الى عدو لدمشق؟


No comments:

Post a Comment